«لم تعد تُباع في الخفاء».. دمشق تستعيد كتباً كانت محظورة لعقود (صور)

«لم تعد تُباع في الخفاء».. دمشق تستعيد كتباً كانت محظورة لعقود (صور)
عودة الكتب المحظورة للبيع علانية في سوريا

شهدت مكتبات دمشق تحوّلاً جذرياً في الأسابيع الأخيرة، حيث عادت كتب كانت تُقرأ وتُباع في الخفاء لعقود إلى الواجهة، وأصبح من الممكن العثور على روايات سياسية وأعمال فكرية كانت محظورة. 

ويأتي ذلك بعد التغييرات السياسية الأخيرة التي أطاحت بحكم عائلة الأسد المستمر منذ أكثر من 50 عامًا، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس".

في مكتبات قرب جامعة دمشق، وجد الطالب عمرو اللحام، البالغ من العمر 25 عامًا، كتاب "المعبر" الذي كان يبحث عنه منذ فترة طويلة. 

تحولات في المشهد الثقافي

يروي الكتاب معارك مدينة حلب من منظور نقطة عبور بين الأحياء الشرقية والغربية أثناء النزاع السوري. 

يقول اللحام: "قبل ستين يوماً، لو سألت عن هذا الكتاب، لربما انتهى الأمر بي في سجن صيدنايا".

ويشير إلى أن اقتناء كتب معينة كان يعرض الشخص للتصنيف الأمني وفقاً لفروع المخابرات، ما بين صوفي أو سلفي أو يساري، أما اليوم، فقد أصبح من الممكن شراء هذه الكتب دون خوف من الملاحقة.

عودة الكتب المحظورة للبيع علانية في سوريا

سقوط النظام وتغيرات الحريات

في الثامن من ديسمبر الماضي، أطاحت فصائل معارضة بقيادة "هيئة تحرير الشام" ذات التوجه الإسلامي بالرئيس السابق بشار الأسد، ما أنهى نصف قرن من حكم الأسد ووالده الراحل. 

ومع انتهاء حكم بشار الذي يراه السوريون صارما، “تنفّس سكان دمشق الصعداء مع غياب الرقابة الأمنية التي كانت تُطبق على كل زاوية”.

ولكن رغم ذلك، لا يزال القلق يساور السوريين بشأن مستقبلهم، وسط آمال بتحقيق نظام ديمقراطي يضمن الحريات العامة.

عودة الكتب المحظورة للبيع علانية في سوريا

عودة "أدب السجون" إلى الواجهة

باتت روايات مثل "بيت خالتي" للروائي العراقي أحمد خيري العمري و"القوقعة" للسوري مصطفى خليفة تُعرض علنًا في المكتبات، وكانت هذه الأعمال، التي تتناول معاناة السجناء السياسيين، محظورة بشكل صارم في السابق. 

يقول بائع الكتب أبو يامن: "كانت هذه الكتب ممنوعة تماماً، لم يكن الناس يجرؤون حتى أن يسألوا عنها".

وروى صاحب دار نشر تفاصيل الرقابة الصارمة التي تعرض لها الناشرون على مدى العقود الماضية، حيث يقول إن الأمن كان يطلب منه قوائم بالمبيعات والزبائن، رغم جهلهم بمحتوى الكتب. 

وأشار إلى حادثة عبثية حين طلب أحد المحققين إحضار ابن تيمية، العالِم المتوفى في القرن الرابع عشر، للتحقيق.

عودة الكتب المحظورة للبيع علانية في سوريا

إقبال على مؤلفات محظورة

في مكتبة عبدالرحمن سروجي، وُضعت مؤلفات ابن القيم وسيد قطب علنًا بعد أن كانت تُباع سرًا لمن يثق بهم البائع. 

ويشهد سروجي اليوم إقبالًا كبيرًا على هذه الكتب من سكان دمشق، وسوريين عائدين من الخارج، وحتى من مناطق المعارضة شمال البلاد.

يتحدث سروجي عن تجربته مع الرقابة، حيث صادر الأمن في 2010 أكثر من 600 كتاب من مكتبته، ومع التغييرات الأخيرة، أصبح الزبائن يسألون بحرية عن مؤلفات مثل كتب سيد قطب.

وعلى الرغم من هذه الانفراجة في عرض وبيع الكتب، يبقى مستقبل الحريات الثقافية في سوريا مرتبطًا بتحقيق الاستقرار السياسي والديمقراطي، مع تحديات مستمرة لضمان بقاء هذه المساحة من الحرية المكتسبة حديثاً.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية